من وحي النقاش المحتدم حول الملكة الاشورية العظيمة سامورامات (سميراميس ـ شميرام ـ شمّى ) بين الاسطورة والحقيقة

لطيف پولا

قد يُضطهد الشعب ويُذبح  ويُهجر وتُسلب حريته وارضه ولكن تبقى ذاكرته كالنسغ الصاعد من الجذور تحت الارض تمد بالحياة حتى لو غصناً واحدَا بقي على قيد الحياة..

بناءً على حكاية قديمة متداولة في القوش تقول: ان الملكة شميرام ( شمّى ) هكذا تسمى في القوش, وهو اسم مؤنث لمئات النساء في سهل نينوى مسيحييات وايزيديات , تمجيدا وتخليدا للملكة العظيمة سمورامات ( شميرام ـ شمى ـ سميرة) وسماها الإغريق ثم الاوربيون ( سميراميس ) ونسجوا عليها الاساطير قراناها في كتبهم وشاهدناها في افلاهمهم. بالنسبة لنا احفاد سمورامات سمعنا حكايتها من ابائنا واجدادنا وبشكل خاص انجازاتها  الاروائية الرائعة وبشكل خاص مشروعها  االأروائي  الذي اقامته ملكة اشور شميرام ( شمّى ) على نهر بندوايا لأرواء الحقول التي تعرضت للجفاف بسبب شحت الامطار . كان ذلك في طفولتي .وقبل اربع سنوات أخذتُ كامرتي ورحت  ابحث واتابع المشروع مشيا على الاقدام .ذلك المشروع الخالد الذي لازالت اثاره باقية تبهر من يراه على امتداد حقول القوش من بندوايا حتى منطقة بي كلبا على شكل نهر جاف يسمى في القوش (خبراثا دخنداقي) و ( خروثا ) . مشيتُ مسافة عدة كيلو مترات  اتابع مجراه وما حوله من سهول وتلال ووديان ومعي كامرتي اصور ما اجده مهمة لبحثي  .عدتُ الى البيت وكتبتُ بحثًا مُعززا بالصور. وفي اليوم الثاني ذهبتُ الى وهدة ( گلي ) بندوايا ابحث عن اثار لمصادر المياه  التي كانت تغذي ذلك  المشروع الإروائي .ووجدت ضالتي في تلك الوهدة  العظيمة وهدة بندوايا التي تشبه وهدة خنس في قضاء شيخان . بعد ان اكملتُ بحثي نشرته في صفحتي في الفيسبوك وفي موقع عينكاوة وموقع تلسقف وموقع نينوى وهو ايضا من ضمن كتابي ( مقالات من خلف القضبان سنة 2019 م صفحة 164 ) تحت عنوان ( مشروع سميراميس الإروائي ) . جاءني بعد فترة  كتاب قيم من هولندا بعثه لي المهندس المعماري الاستاذ عماد رمو الذي يُدرس في احدى الجامعات الهولندية  لعالمة الاثار البرطانية Stephanie Dalley.

أسم الكتاب The Mystery Of Hanging Gardens Of . BABYLONE تذكر فيه  الكاتبة وفي صفحة (60) من الكتاب وباللغة الانكليزية : ان الاشوريين كانوا قد اقاموا اربعة مشاريع اروائية  لإرواء الحقول ولتزويد قصورهم بالماء في نينوى وتلك المشاريع هي  1ـ  من معلثا في دهوك لتلتقي بقناة عظيمة قرب فايدة 2ـ من بندوايا 3ـ من خنس 4 ـ من نهر الكومل . لهذا السبب كان اباءنا وامهاتنا يقصون لنا في طفولتنا حكاية شميرام وسنحاريب في مسابقتهما لإقامة هذه المشاريع نقلا عن ابائهم واجدادهم حتى وصلت الينا نحن احفادهم . وإن كانت الحكاية فيها طابع اسطوري ذلك لأن شميرام( سمورامات ) عاشت قبل الملك سنحاريب بحولي ( 100) عام .لأن الملك سنحاريب حكم  ( 722 ـ 705 ق م ). لكن شعبنا ظل يُخلد ويُمجد ملوكه العظام ومشاريعهم العظيمة ولا زال يسمي باسمائهم .فكم إمراة في القوش وقرى ومدن اخرى إسمها (شمّى) مختصر شميرام ؟ .وكم رجل اسمه ( سمو ) مختصر سنحاريب ؟ .واليوم حقولنا تشكو الظمأ والجفاف رغم هذه التكنولوجيا المتطورة , لأننا نفتقر الى ارادة حرة قوية وشعب حي يستميت في سبيل ارضه ومستقبله  كما كان اجدادنا الذين انجزوا هذه المشاريع قبل (2800 عام ).

فكيف يتجرأ انسان سوي على التاريخ ليشوه الحقائق وينال من تلك العظمة  ليجعلها  اسطورة ؟!!. اليونانيون والاوربيون بشكل عام لإعجابهم بتلك العظمة أظافوا عليها الشيء الكثير من خيالهم فجعلوها اسطورة .لكن الواقع يقول غير ذلك فقد وجدت لشميرام ( ـ سمورامات ) سميراميس مسلة في مدينة اشور ( شرقاط ) حاليا  واثار اخرى تثبت انها ملكة عظيمة , كانت زوجة ملك اشوري عظيم وهو شمشي ادد الخامس ( 823 ـ 811 ق م ) وأم لملك اشوري عظيم ألا وهو  أدد نيراري الثالث ( 810 ـ 783 ق م ) . انهم أحياء بانجازاتهم العظيمة وآثارهم وكنوزهم  التي تفتخر كل متاحف العالم  بإقتنائها ,إلا هنا في وطنهم تعرضت للدمار والتفجير والجرف بالجرافات أمام انظار العالم المتخلف والمتحضر .. لكن العلماء يقولون ان ما أكتُشف من انجازات تلك الحضارة وتلك العظمة هو فقط يمثل خمسة بالمائة …أما الخمسة والتسعون بالمائة الباقية لازال تحت الارض يلعن من يطأها وتنتظر من يزيل عنها التراب لترعب الخفافيش ..فاليقولوا ما يقولوا !! واليفعلوا ما يحلوا لهم ان يفعلوا لأن من لا يستحي يفعل ويقول ما يشاء , لان الحياء كما يقولون ( نگطة !!!! ). فلا تلم من لا يستحق الملامة, اما لجهله او لأنه المسكين  مُجبر  على تشويه ومحو الحقائق , كالذي ينطح حائطا كونكريتيا لأزالته !!!.

ومن الجدير بالذكر ان الاخوة الأرمن لا زالوا يتناقلون حكايات عن الملكة ( سميراميس ) شميرام . لأن ارمينيا كانت من ضمن الامبراطورية الاشورية التي امتدت من أرمينيا في القوقاز شمالا حتى مصر في افريقيا جنوباً, ومن بلاد فارس شرقا حتى قوپرص غرباَ. وهيهات ان يستطع أي انسان ان يكذب على التاريخ ومن يحاول ذلك فانه يكذب على نفسه وسيعريه التاريخ يوما عاجلا ام آجلا .

المشاهدات اليوم : 0
المشاهدات في آخر 7 أيام : 20
المشاهدات في آخر 30 يوم : 59
مجموع كل المشاهدات : 5813